mercredi 30 mai 2012

الـســفـــــاح


رأيته جالس القرفصاء قرب عمود الكهرباء ،مطأطأ الرأس ،عيناه صوب الأرض مغرقا في تفكير عميق..زفرات حادة يضج بها المكان ،يد ترتجف والأخرى تحمل شيئا ما ...لا أدري حقا ماهو..مازلت أجتلي محيطه علني أجد ما يشبع فضولي..اقتربت منه أكثر فأكثر فازدادت أنفاسه صخبا..برزت عروق في جبينه من بعيد وارتعدت أطرافه شيئا فشيئا..غمغم بكلام مبهم... ورغم ذلك أكملت تقدمي نحوه غير آبه بالعواقب..فجأة ،رفع رأسه ورماني بنظرة حادة ،تكتنز شرورا وأهوالا أيقنت في نفسي أني لن أكون بمنأى عنها،هبت ريح قوية في ذات الوقت وكأنها أبت إلا أن تشحن هلعي وترقبي لما سيحل بي،فاخترقت صمت المكان بل وأوقدت لظى أنفاسه بعد أن خمدت لبرهة من الزمن ...فجأة ،قام من مقامه،فبرز ماكان يخفيه في يده الأخرى ،أبلج بريق ذلك الشئ وأبرقت معه السماء وأرعدت وكأنها تود أن تلعب دورها في تأثيت ذلك الجوالمشحون....
"سأقتلك ،لن أرحمك قطعا،فأمثالك لا يستحقون الحياة"...
انطلقت الكلمات مدوية بصوته الجهوري الأجش لتخترق جدران قلبي الفزع،الذي ازدادت نبضاته تسارعا .. كفؤاد عصفور مبلل وسط العاصفة ، في لمح البصر نهض من موضعه ثم انطلق نحوي كالسهم...تسمرت في مكاني ،أغمضت عيني وحبست أنفاسي ..ألوم في قرارة نفسي فضولي الذي أوردني الموارد،...لكنه ، مر بمحاذاتي...يبدوا أنه لم يكن يقصدني ،بل انطلق كالبرق الخاطف وعيناه صوب البناية المجاورة ...تابعته ببصري إلى أن توارى وراء أسوارها...مرت لحظاتُ صمت وهدوء...فجأة دوى صراخ رهيب هز المكان بأسره،بعدها، لمحته خارجا مرتعد الأطراف ملطخا بالدماء ،رمى الأداة الحادة التي كان يحملها وهو يصرخ بأعلى صوته :"لقد قتلته وخلصت الدنيا من شروره ،لقد أخمدت النار التي استعرت قبلا في فؤادي،لقد أصبحت سفاحا.."..بعدها بهنيهة تبعته فتاة ودموع المرارة تشق وجنتيها وهي تقول:"لماذا ،لماذا قتلته يا أخي ،كان عليك أن تتخلص مني قبل أن تجهز عليه..".
.مازلت أتابع ذلك المشهد المهول وهلع الدنيا بأسرها يغزوا وجداني إلى أن
أجابها الفتى :"صدقيني يا أختي ،لم يكن لدي خيار،كان يجب علي قتله ...خصوصا بعد أن التهم فأر التجارب الذي استأمنني عليه أستاذي في الجامعة.."
فأجابته والدموع تنهمر من عينيها الصغيرتين :" لقد قتلت قطي المدلل الذي ربيته بيدي صغيرا وكبر شيئا فشيئا أمام ناظري إلى أن اغتلته بكل وحشية..تبا لك أيها السفاح أنت وجامعتك بأساتذتها وما تبقى فيها من فئران"..

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire