mercredi 30 mai 2012

صمود ..

كنت لأستقل الطاكسي"البيضة" كعادتي من امام باب الكلية ، لكنني عدلت عن ذلك بعد تفكير جنوني ... فقد ضاق صدري من مشاطرة كرسي واحد مع شخصين أو أكثر، من ذوي الأحجام الكبيرة ... حتى من تلك الدريهمات التي كنت أعطيها ل"مول الطاكسي" وجدت أنها " دايزة فيا " ، أنا التي تظل اليوم بطوله تهرول بين القاعات والمدرجات علها تتحصل على علم نافع ، تجبر على اتباع حمية ...

" علاه مالني عليها؟؟؟ ... أنضربها بجرية لدار،وهانا اقتاصدت ربعة دراهم " هكذا تمتمت وأنا أتحسس ورقة العشرين درهم في جيب حقيبتي ، شعور أحمق يساورني وأنا أقوم بتعداد الكيلومترات التي تفصلني عن المنزل ... أخيرا أنطلقت مندفعة بمحاداة موقف سيارات الطاكسي ، وكعادتهم يصرخون "بقرجوتاتهم" المبحوحة : " الساحة ؟؟؟ " ، " المدينة ؟؟؟" ، "كٌاراج علال؟؟؟" ... أنظر إليهم راسمة ابتسامة ماكرة وأنا أكٌمكٌم :" واو الله لكانت ليكم هاد ربعة دراهم ".

أغادرهم وأنا سعيدة ... وفي الحقيقة لست أجد سببا مقنعا لتلك السعادة ، ربما السبب أنني "أشمتهم" اليوم في الأربعة دراهم ، أو ربما لأني أتلذذ في ادراك خيبات الأمل على وجوههم العابسة ، بعدما أيقنوا أني لست للتعليب اليوم... وأن دراهمي لي وحدي ...

الساعة تشير إلى الثانية عشر في معصمي ، أحس بثقل مضن يتسلل إلى ركبي النحيلة بينما يرافقه جوع فانتازي يأتي على أمعائي الملتصقة بعضها ببعض ، أمر من أمام " سناك الخير " فأشبع عيني بجمالية "الفريت" وهو يتقلى على نار هادئة ، دجاج "مستف" في فرن زجاجي يقلب ذات اليمين وذات الشمال حتى أصبح لونه ذهبيا يأسر النظار ... ينظر إلي الطاهي ، كأنما يحاول إغواء بطني بجمالية مأكولاته ويدعوها الى الغذاء شريطة ان ادفع أنا الحساب ... أتدارك نفسي وأقلب وجهي بينما أواصل جر خطواتي ... وبين الفينة والأخرى تستوقفني احدى سيارات الطاكسي الحمراء ، تلك التي لطالما اعتبرتها مخصصة فقط للطبقة الشبه برجوازية ... لا أنفك أسأل نفسي في ما اذا كنت أشبه أعيان هذه الطبقة لدرجة أنني أجتذب الطاكسيات الي ....لا أجد الاجابة فأكتفي باعتباره سؤالا تافها وأعود لمواصلة زحفي ...

أنظر الى الساعة مجددا ، فأجدها تشير الى ..." أونص" ، الوقت يمضي وأنا لم أضرب بعد نصف المسافة ، حتى من الشمس تمادت في شويي كالجرذ المتكسل على احدى فواهات " القوادس" بعدما أعياه الركض و " التحنقيز" في المجاري ... لكنني لم أكن جرذا سهلا ، فقد كابدت واستجمعت ما تيسر من القوة التي كنت قد خبأتها "لدواير الزمان " ...أجدني اليوم في أمس الحاجة اليها ...

أنظر الى السيارات الواقفة في الفوروج ، سيدة متفركسة في سيارة "كاتكات" تتكلم في هاتفها أيفون غير متسوقة للجو الحار والشمس الحارقة التي هزمها الكليماتيزور المثبت بجانب كرسيها المريح ... وبمحاذاتها سيارة طاكسي بيضة ، قد تكدست فيها لحوم البشر حتى اخطلتت فيها أرداف الرجال بأثتاد النساء ... والحل هو فتح النوافذ . على الأقل للتهوية وللتخلص من تلك الروائح الكيميائية التي لاتزال تعلق في أنفي ... أنظر اليهم في سخرية ويخيل الي أنني مطمورة بينهم أحاول اخراج الأربعة دراهم من جيب حقيبتي عبثا بعدما تراكم عليها ذاك الرجل السمين ذو اللحية البيضاء .... وخلف الطاكسي مباشرة طوبيس ربما أتوا به من ساحات الوغى ، لم أستطع رأية نمرته التي تعلق عادة على الواجهة الأمامية ، وفي أعين الجالسين على المقاعد المطلة علينا لمحت سعادة طفولية غريبة ... ربما سببها بسيط ومعقد ... وربما فقط كونهم اليوم وأخيرا يرون مدينة الدار البيضاء من الأعلى وليس من الأسفل مثلي .... أو كونهم سعداء لحصولهم على تلك المقاعد ، بينما الاخرون يضربون في خلاط بشري تزهق منه أحيانا أيد تطال الجيوب بما فيها ... وغير بعيد عن الناصية سيارة أقل ما يمكن القول أنها "ماجاتش مع مولاها" فقد كان بدينا كريها يذكرني بمن أشاطرهم المقعد في الطاكسي ... عيناه الغائرتان تحدقان صوبي بينما السيجارة متقدة في فمه الأجوف ... أحني رأسي وأمضي قدما بعدما أيقنت أنني قد تماديت في التعدي على خصوصيات الاخرين ...

أرفع رأسي مجددا فأجد البدين ذو السيجارة يتتبعني بسيارته الفخمة ويشير الي بالصعود ... تراه يصدق بوجود بنات النهار كما بنات الليل ؟؟؟ ، ... وهل أبدو منهن ؟؟ وحتى وان كنت منهن ، هل كنت لأقطع تلك المسافة بطولها على أقدامي بهكذا حذاء ممزق ؟؟؟ أسئلة اخرى اضيفها الى قائمتي التافهة...قبل أن اعود الى مسيرة زحفي التي لا تريد

لها نهاية ... يساورني شعور غريب وأنا أتوغل في احدى الاحياء الشغبية ، ربما لما تشبعت به من قصص عابثة حول "الكريساج" الذي تمتهنه جل ساكنة المنطقة ، لكنني على يقين من أنه ليس بخوف ، غير ذلك يقال أن "الشفارة" من أولاد الشعب ، وأنا أيضا كذلك ، فمالداعي اذن للخوف من عينتي ؟؟؟ ... وحتى وان فكر احدهم في أن يلعب معي لعبة "الشفارة" لن يجد في جيبي سوى عشرين درهما و"بورتابل" حار نوابغ درب غلف في اصلاحه ...

أخيرا أنظر الى الساعة في معصمي ، فأجدها الوحدة وتولوت ـ أرفع رأسي فأجدني قد وصلت ... نعم لقد وصلت ووفرت اربعة دراهم .... ياله من انجاز عظيم .

Amina Oben

أخيرا أنظر الى الساعة في معصمي ، فأجدها الوحدة وتولوت ـ أرفع رأسي فأجدني قد وصلت ... نعم لقد وصلت ووفرت اربعة دراهم .... ياله من انجاز عظيم .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire